قاعدة رابعة: يظن البعض أن الكلام العلمي يكون بالجفاف، أي أن الكلام عن الدين مثلا في الاستراتيجيا هو من باب اللخبطة. ولكن هذا الباب الفكري باب عقيم. لأن الاستراتيجيا الفكرية والعلمية تتميز أساسا بالترابط والتواصلية. فمن الغرور والحمق تصور الانفصال بين العلوم. أو تصور قيام مجتمع دون دين. أو دين دون فكر. أو أمة دون أمن واقتصاد ومبادئ. او اقتصاد دون مجتمع ونظام حكم. إلى آخره. ولربما كان في المصفوفة العلمية التي ابتكرتها وبينتها في الجزء الاول من موسوعتي الكبرى “البرهان” مثال واضح وانموذج جلي.
قاعدة خامسة: على من يريد أن يكون معلما في الفن الاستراتيجي أن لا يترك امورا ثلاثة:
1/ إدامة التامل.
2/ كثرة المطالعة.
3/ نزع الاهواء والميول التي تفقد حكمه رجاحته.
وحين نطوف في تاريخ العلم والادب والقتال والدين نجد ان اهم مميزات العظماء الذين غيروا تاريخ البشرية كانت في هذا. فالتامل ضروري وهو سر جلسات الشاي التي التزم بها الساموراي وخاصة الشوغون او قادة الساموراي ومازلت لها قيمتها الى الان في اليابان شعبا وحكاما. أو في المعابد مثل شاولين و”وودنع”. وما كان لهم بعد ذلك من قوة قتالية فعلية وعقلية وقوة حكمة وسداد رأي ودقة ملاحظة وقدرة على التوقع والاستشعار.
أما المطالعة وقراءة الكتب والمثاقفة بالتعارف والسفر والنظر في احوال الناس وآيات العالم وصفاته وقراءة كتاب الكون وأسفار الطبيعة فانها سمة الحكماء وديدن العظماء.
في حين يكون نزع الاهواء والانتصار عليها بابا للخيرية والتحرر الروحي والشفافية الحسية ومدخلا لتحرر الكوامن والوصول إلى مستويات عليا من التحرر العقلي والجلاء البصري والفكري واحوال سمتها كل حضارة بمسميات دلت على مدلول واحد رغم اختلافها اللفظي.