من فنون الحرب المهمة: فن المواجهة، وضمن فن المواجهة فنون كثيرة منها فن الالتحام، وهو آخر مرحلة في العمل العسكري. فقد كان الأمر في القديم بالهجوم البعيد أو المواجهة البعيدة عبر المنجنيق والسهام. واليوم عبر الهجوم الجوي والصاروخي والمدفعي. ثم تأتي مراحل النزال القريب: رمي الرمح في القتال القديم. والحرب المدفعية القريبة وحرب الدبابات والقنص والمواجهات المباشرة بالبنادق في الحرب الحالية. وبعدها تأتي المواجهة المباشرة المباشرة: النزال بالسيف في الحرب القديمة. والعراك بالخناجر وأطراف البنادق في الحرب الحديثة.
وضمن المواجهة المباشرة المباشرة أو الالتحام، هنالك فنون كثيرة، منها ما يتعلق بالمباغتة وعلم الكمائن الذي يقوم حسب ما أراه على قواعد ثلاثة: المباغتة، الخطف، الإنهاء.
المباغتة عنصر للمفاجأة يكون عبر كمائن من الطبيعة والحفر والفخاخ، او ألغام في الحروب الحديثة. الخطف هو سرعة العمل بحيث تكون العملية خاطفة سريعة. الانهاء هو التخلص من كل الخصوم، فالكمائن عادة لا يكون فيها أسرى، إلا في حالات خاصة، لأن طبيعة العملية لا تسمح بالتمييز والتوقف خشية ردة فعل الخصم، فكلما اختزل الزمن كلما تم شلل الخصم. وأسميها: حالة الشلل الفراغي. أي يشعر الخصم فيها بوجوده في فراغ يعجز فيه عن الحركة وتنفي عنده خطوط الحركة والجهات والمكان والزمان.
تقوم تدريبات الننجا اساسا على فن المباغتة وفنون الالهاء والتوغل والتكتيكات الخاصة، وقد برغ مقاتلو الإيجا في ذلك، في حين كان لمقاتلي الكوغا ننجا فنون أخرى ضمن القتال الفردي والالتحام السريع. وخصصت فنون أخرى تعلمها الساموراي وطوروها للالتحام منها التاي جتسو. وقد طورت عائلة غراسي في البرازيل فن الالتحام الارضي ضمن الجوجتسو البرازيلي. والجوجتسو عامة فيi فنون التحام عن قرب corp a corp ولكنها أساسا متعلقة بالعقلات. أما مدارس اوكيناوا وخاصة فن الكوبودو ففيه جانب مهم من استخدام الاسلحة البيضاء في عمليات الالتحام، وهنالك فنون مثل الأرنيس أو الاسكريما l’Arnis (aussi appelé Kali ou Eskrima), un art martial originaire des Philippines وهي فنون فلبينية الاصل فيها قتال عن قرب بالأيدي والاسلحة وبالعصا القصيرة خاصة، وقد تعلمها بروس لي من صديقه دون إينزانتو الذي اصبح بعد ذلك وريثه في فن الجتكندو الذي اسسه بروس.
يبقى الونغ شون أقوى فن في الكونغ فو خاص بالالتحام، ويمكن الرجوع الى فلمي يب مان Ip Man الرائعين الذين مثلهما المتالق دوني يان لرؤية جوانب من ذلك الفن الرائع في تجسيد لشخصية المعلم الكبير يب مان.
فن الالتحام والفنون القريبة والمباشرة فنون هامة جدا، وأكثر من برع فيها هم مقاتلوا الننجا، وبرعوا في فن الكمائن، في حين برع الساموراي فيما أسميه فن المواجهة الارتدادية، اعني به فن الخروج من الكمائن. لأن الخروج من الكمائن يحتاج تدريبا كبيرا يتعلق بتقنية الفراغ التي خص لها الساموراي العظيم مياموتو موساشي فصلا كاملا ضمن كتابه المذهل “الحلقات الخمس” وهو الفصل الخامس الاخير بعد أن فصل في عناصر التراب والماء والهواء والنار، فقد مضى لاعتبار الفراغ العنصر الخامس. وكما يسعى الهجوم المباغت الى ادخال الخصم في حالة الفراغ، فالذي يتعرض لمثل هذا الهجوم على ان يتقن الحركة في الفراغ ويتجاوز بذلك الصدمة بسرعة ويتحرك باليات من العقل الباطن اقوى من عقله الواعي ولا يرتعب. وقد قضيت شخصيا سنين طويلة في محاولة فهم تلك الحالة وطبيعة رد الفعل الفراغي وهو ما أسميته بالرد الفعلي وتمكنت بعد جهد طويل وتجارب كثيرة من فهم الامر وفتح بوابته الغامضة مما جعلني في حالات كثيرة لا اسقط في فخ الفراغ المفزع.
والمعلم الكبير الذي سمي اخر ساموراي وهو تاكيدا كان يقول: أنا الفراغ، من يمكنه هزم الفراغ.
هذه الفنون كلها تحتاج الفرق الامنية والجيوش الى تعلمها، ويخصص لها الكثير من الجهد والعمل، ولكن فيها مسائل متعلقة بالروحانيات والتشاكرا وعلوم الطاقة الحيوية وعلوم العقل الباطن والوعي واللاوعي والادراك وفن ادارة الافعال وفن الحركة وفنون التفاعل المكاني ومسائل في النفس وفي الجسم وفيما أسميته الطاقات العقلنفسية وغير ذلك ما يستوجب خبراء كبار في ذلك. وأفضل من تمكن من امور كثيرة في فن الالتحام هم الروس فقد درسوا علوم الطاقة وفنون الدفاع وخرجوا للعالم بفن من أعجب واقوى الفنون وهو فن السيستيما او فن اليد لليد. وفيه فنون خاصة منها فن الضرب بدون لمس، وهي حقيقة جربتها شخصيا وليست بالامر الغريب، فالانسان طاقة والعالم طاقة والتفاعل بين تلك الطاقات يمكن ان يولد امورا فوق الخيال، ومن نماذج ذلك المعلم الكبير زو Grand Master Zou الذي أذهل العالم بقدراته الطاقية، وكذا المعلم الكبير يوشيبا مؤسس الأيكيدو الرائع، وسلالة كبيرة من المعلمين. وعندنا معلمون في ذلك من بينهم الامام علي وسيدنا خالد، لكننا نسينا ذلك وانشغل أدعياؤنا بفن إطالة اللحية وتقصير الثوب وتكفير أهل الأرض والكواكب المجاورة.