2/ مرحلة التنفيذ: بعد الدراسة والفهم، ومعرفة العدو الغاية من الحرب ومعناها قبل ذلك وغاياتها وأهدافها، نأتي إلى مرحلة التنفيذ، فككل حرب، بعد أن تلم بالخطة، تبدأ بتنفيذها، ويقوم التنفيذ على أسس جوهرية، وهي ما أسميه بالثلاثي الناري، أو المثلث الناري، ويتكون من نقاط ثلاث متصلة عبر خطوط مستقيمة بشكل مثلث، النقطة الجانبية اليمنى هي سرعة التنفيذ، النقطة الجانبية اليسرى دقة التنفيذ، والنقطة الأمامية الحادة التوغل في العمق أو النفاذ والاختراق، وهي مراحل تعاقبية تراتبية.
*سرعة التنفيذ: مصيبة كل إنسان كثرة التنظير وقلة التطبيق، أن يقول ما لا يفعل، والفعل يقوم أساسا على التطبيق، ولكن بسرعة، قبل فوات الأوان، لأن عدوك يتوغل في دواخلك كل يوم أكثر، تأمل جسدك، كل الدهون جيوش للعدو تتراكم كل يوم، ناشرة الكسل والبشاعة والعقم الروحي، وانظر إلى نفسك، كل المساوئ تتقوى بمرور الوقت وتتحول إلى عصابات تنهب طاقاتك الخيرة، نفسك الأمارة تورطك كل حين في نازغ جديد، تبيعك للشيطان ذرة ذرة وجزئا جزئا ولحظة بلحظة، تفاوض عند وه خائنة، ألم يقل الرب أن العين تخون، وأنه يعلم خائنة الأعين، فحتى عينك تحتوي عدوك، ويدك، وأذنك، أم لم يقل المعلم النبي محمد أن العين تزني وزناها النظر والأذن تزني وزناها السمع، فعليك أن تسارع في تنفيذ خطتك، أو ستنهزم بشكل قاس جدا، لأنك حين تنوي الحرب، يكون عدوك قد أعلنها، وبدأ في خوضها منذ فترة.
*دقة التنفيذ: الالتزام بالخطة، عدم خيانة الذات والمبدأ، ولا تنسى أن جيشا فيه خائن، جيش لا ينتصر.
*التوغل: تقدم ثم تقدم دون تراجع مطلقا، فالساموراي وهم من أعظم المحاربين في التاريخ البشري ومعلمون حقيقيون في فنون الحرب مبدؤهم “لا تراجع”، فعليك أن تخترق عدوك، نفسك وشرّك، أن تعرف عيوبك بدل الانشغال بعيوب الآخرين، أن تسارع في ضرب عمق عدوك، أن تكون صادقا مع نفسك، لأن الكذب أعظم جاسوس للعدو، وأكبر خائن في صفوفك.
3/ مرحلة التدقيق: هي مرحلة متخللة، تتخلل كل مرحلة، وهي الدقة في كل شيء في التخطيط، في التنفيذ، في التحرك، في التعلم، في التمرين، في كل شيء، أن تدقق وتتفحص وتمحص وتسبر أغوار الأمور وتتجاوز السطح إلى العمق، أن تشغل وعيك العميق وتحطّم قيود السطحية والجمود، أن تحرر قواك الخيرة وطاقاتك الخلاقة والإيجابية وأن تبلغ كنوز روحك وتحاول استخراجها واستثمارها بشكل إيجابي ونفعي لكل خيْر ولكل خيّر.
مرحلة التدقيق إطار وقانون وطريق.
4/ مرحلة الإتقان: قمة الفن الحربي الإتقان، ويكون الإتقان طريقا للوصول للمستويات العليا، فمرحلة الإتقان هي مرحلة البداية الحقيقية، وهي الاتحاد بين علم الجمال والروحانيات وعلم الحركة، إنها مرحلة الجوهر، ملامسة جوهر الفن الحربي القتالي، ومعانقة جوهر الروح، إنها مرحلة الحقيقة.